الديب ويب (dark web)

مرض الصرع يكشف حقيقة مخ الانسان و يفسر الحرب بين العقل و الارادة 

كان يتم معالجة مرض الصرع في الماضي بفصل النصف الايمن عن النصف الايسر من المخ و يتم هذا عن طريق قص حلقة الوصل بين النصفين و هيه الجسم الثقني (Corpus Callosum) , و ظل الطب يصنع ذلك لاكثر من اربيعن سنة للكثير من مرضي الصرع.


و نوبات الصرع هذه تأتي فجأة بدون سابق انذار , و من الحالات التي تم تسجيلها اصيب صاحبها بنوبات الصرع و هو يعمل في المخبز مما سبب حرق اجزاء من جسده.

و بسبب ذلك كان الكثير مستعدون لاجراء عملية قص حلقة الوصل رغم صعوبتها , لأنها كانت تخفف من اعراض الصرع بشكل كبير.

و لكن قص الجسم الثفني له عواقب مرعبة , لأن الاتصال بين نصفي المخ ينقطع فيصبح النصف الثاني لا يعلم ما يدور بالنصف الأول و هكذا الأول لا يعلم ما يدور بالثاني. 

و ذلك يفسر استغراق الساعات لبعض المرضي بعد العملية في اتخاذ قرار في بعض المرات و ذلك لأن النصف الأيمن من المخ مسؤول عن الجزء الأيسر من الجسد و النصف الأيسر من المخ مسؤول عن الجزء الأيمن من الجسد. 

و بما أن الاتصال انقطع بين النصفين أصبح كل نصف يعمل بمفرده منعزل تماماً عن النصف الآخر و كأن هناك شخصان 
 في جسد واحد , فكل نصف في المخ أصبح يتحكم في النصف خاصته. 

قال عالم المخ و الأعصاب (فايلاينور رامشندران) في أحد المؤتمرات عن مراوغة في غاية 
الذكاء , أنه عندما كان يريد معرفة إجابة معينة من النصف الأيمن يهمس في الأذن اليسري و إذا أراد معرفة إجابة معينة من النصف الأيسر يهمس في الأذن اليمني. 

و من تلك المراوغة استطاع معرفة أن النصف الأيسر هو المسؤول عن النطق فهو المتحكم في الجهاز الإعلامي للجسد كله. 

و لكن إذا كان النطق يتحكم به النصف الأيسر فكيف يمكننا استجواب النصف الأيمن ؟  

وجد فايلاينور أن الإجابة ستكون بالذراع الأيسر , حيث يستخدم النصف الأيمن من المخ اليد اليسري للاختيار بين صح أو خطأ أو لا أعلم. 

و أضاف فايلاينور رامشندران أنه وجد أن نصف المخ الأيسر مؤمن بوجود إله أما النصف الأيمن كان ملحداً ! 

و ذلك ما أثار الجدل في المجتمع العلمي لانه كيف يمكن أن يكون نصف ملحد و نصف مؤمن في جسد واحد .  

سأل رامشندران في آخر المؤمتر سؤالاً وجودياً : أي نصف من  النصفين سيحاسب ؟

هل سيحاسب الشخص علي ايمان نصفه الايسر ام  الحاد نصفه الايمن ! 

لاحظ مايكل جازينيكا (Michael Gazzaniga) انه اذا اتيت بأحد المرضي و وضعت امام عينه  اليمني " التي توصل الاشارة للجزء الايسر من المخ " لوحة للفنان اركيمبولدو (Arcimboldo) الذي كان يرسم في لوحاته وجوه من الفاكهة او الخضروات ,  كان النصف الايسر من المخ يقول انه يري فاكهة .

و في لوحة اخري كان فيها وجه مصنوع من الكتب قال عنها النصف الايسر انه يري كتبا.

لم يقل في أي من الحالتين أنه يري وجهاً مصنوعاً من فاكهة أو كتب و ذلك لأن الجزء الأيمن هو المسؤول عن إدراك الوجوه و بما أن العين اليسري لم تري شيئاً فبذلك لم يدرك النصف الأيمن تلك الوجوه. 

فالمصاب إذا أريته اللوحة لعينه اليسري يخبرك أنها وجوه و إذا أريتها لعينه اليمني يقول أنها كتب.

كشف جازينيكا أيضاً أن الشخص العادي لا يمكنه أن يرسم بكلتي يديه لأن نصفي المخ يعملان مع بعضهما البعض و لكن في الشخص المصاب النصفين منفصلين فيمكنه الرسم بكلتي اليدين دون أن يعطل أحدهما الآخر. 

الشخص العادي يستطيع أن يخبرك ما الذي يوجد علي يساره بكل سهولة و لكن المصاب لا يستطيع أن يخبرك ماذا يري علي يساره و لكنه يستطيع أن يرسم الذي يراه بيده اليسري ! 

و لأن الجزء الأيسر من المخ لا يعلم ماذا تري العين اليسري و هو المسؤول عن النطق , فعندما تسأل الجزء الأيمن ماذا تري
لا يستطيع الإجابة و لكن يمكنه أن يرسم ما يراه باليد اليسري. 

الأمر معقد صحيح ؟  

لا تقلق فحتي العلماء حيرتهم هذه الاكتشافات ,  و رغم أهمية  تلك الاكتشافات إلا أنها لم تكن أكثر الأشياء المذهلة , حيث لاحظ جازينيكا في أحد الأيام شيئاً مهماً جدا.

و هو انه عندما تخبر الجزء الأيمن أن يمسك تفاحة علي سبيل المثال ,  ثم تسأل الجزء الأيسر لماذا تمسك هذه التفاحة ! , كان يخترع قصة و يخبرك أنه امسكها لأنه جائع , رغم أنه لم يمسكها لهذا السبب من الأساس .

إذاً واضح أن الجزء الأيسر من المخ يخترع أسباب تفسر الأشياء التي أمامه بالرغم أنه لم يكن له أي دور في إمساك التفاحة و ذلك يوضح براعة النصف الأيسر من المخ في تفسير أشياء لم يكن له خيار في فعلها .

هذا يعني امرا خطيرا جدا و هو انه بعد الفعل قد وجد السبب ! , و هكذا سيفتح مجالا واسعا للنقاش في احد اهم المعضلات الفكرية في التاريخ .

هل الانسان مسير او مخير , و حسب هذه الدراسات قد يكون الانسان مسير و لكن النصف الايسر من المخ يقوم بخلق قصة تقنعه بأنه مخير.

 لذلك سنقوم بنشر مقال اخر قريبا نناقش فيه الحقيقة الكاملة حول هذا الموضوع , تابعونا لكي يصلكم كل ما هو جديد .