القائمة الرئيسية

الصفحات

الحرب بالمرض


الأسلحة البيولوجية الفتاكة

بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بشهر واحد أثناء فزع العالم كله من التفجيرات الإرهابية التي ذهب ضحيتها الآف المصابين و القتلي و خسائر إقتصادية بالمليارات و خسائر بيئية بسبب الأدخنة و الأبخرة و الغازات السامة فبعد شهر واحد من حدوث هذه الكارثة صدمت الولايات المتحدة بعد إكتشاف أول إصابة بمرض الجمرة الخبيثة.

مرض الجمرة الخبيثة ذلك المرض القاتل الذي لم يظهر في أمريكا منذ 25 عاماً. 

و بعد أيام قليلة ظهرت 20 حالة لهذا المرض و مات منهم 4 أشخاص و ما تسبب في ذلك أنه كان من الصعب التعرف عليها لأنه لم يتوقع أي طبيب ظهور مرض مختفي كل هذه السنين و يظهر هكذا فجأة، و لأن أعراض هذا المرض ليست مميزة و تشبه كثيراً أعراض دور البرد مع بعض الغثيان أو ضيق في التنفس. 

كان من الصعب معرفة سبب ظهور هذا المرض فجأة بهذه الصورة و لكن بالبحث و التطور قبل ظهور هذه الإصابة بأيام كان يتم إرسال رسائل من مجهول و محتواها مبهم تقريباً مكتوباً بخط غير مميز و أرسلت إلي الأماكن التي يعمل بها هؤلاء الضحايا و لسوء حظهم هم من فتحوها دون غيرهم و لم يكن يعلم أي شخص منهم ماهية الغبار الذي خرج من الرسالة وقتها و التي كانت مليارات الخلايا البكتيرية المسببة لمرض الجمرة الخبيثة و أن مجرد التلامس معها أو إستنشاقها كفيل بأن يقتله. 

بعد إستجواب 9000 شخص تقريباً و 67 عملية تفتيش و أكثر من 6000 أمر بالاستدعاء و إعلانات بمكافئات بحوالي 2.5 مليون دولار لأي شخص يحضر معلومات , و توجيه التهم لتنظيم القاعدة و السلطات العراقية و حتي العلماء الذين يعملون داخل المعامل الأمريكية.

لكن بعد كل ذلك فشلت الجهات المختصة في معرفة المجرم حتي اليوم.

تعريف الأسلحة البيولوجية :

الأسلحة البيولوجية : هو الإستخدام المتعمد للفيروسات أو البكتيريا أو أي جراثيم مسببة للأمراض بهدف قتل أو إيذاء أي إنسان أو حيوان أو نبات و هو أحد أنواع أسلحة الدمار الشامل.

و الأسلحة البيولوجية ليست سلاحاً جديداً كما يعتقد البعض أنها ظهرت بعد تطور الطب.... فقد كان هناك وقائع قبل الميلاد ذكر فيها أن هناك بعض الجيوش كانوا يتعمدون غرز أسهمهم في الرمال قبل إطلاقها.
لم يكن في علمهم أن في تلك الرمال بكتيريا قد تسبب عدوي قاتلة بل لم يكونوا يعلموا من الأساس شيئ اسمه بكتيريا أو فطريات و لكنهم كانوا يعلمون أن رؤوس الأسهم الملوثة بالتراب تجعل الجروح تلتأم أبطئ و أصعب.

في القرن ال 13 كانت جيوش المغول بدون حرب أو شيئ تعد خطراً مرعباً بسبب سرعة إنتقالهم و إنتشارهم و سهولة انتشار الأمراض المعدية معهم.

حيث في أقل من قرن واحد كانت سيطرت جيوش المغول علي معظم آسيا و أوروبا و نشروا أثناء إنتقالهم واحد من أخطر الأمراض فتكاً بالبشرية في التاريخ الطبي كله و هو الطاعون الذي قتل أكثر من 25 مليون شخص من سكان الصين و قتل أكثر من ثلث سكان أوروبا و غير مجري التاريخ تماماً في هاتين القارتين.

بل فوق ذلك إستخدم المغول في حروبهم جثث القتلى و الحيوانات المصابة بهذا المرض كسلاح ضد أعدائهم فكان في إعتقادهم أن الرائحة السيئة التي تخرج من جثة الميت هي التي تسبب العدوي فكانوا يقذفون الجثث بالمنجانيق فوق أسوار المدن التي يريدون إقتحامها فتنشر المرض و الموت عند العدو فينتصروا عليه.

استخدام اليابان للأسلحة البيولوجية :

في الحرب العالمية الثانية سممت اليابان 1000 بئر مياه - يشرب منها الصينيون - بالكوليرا و التيفود , و أيضاً نشر أغطية و ملابس ملوثة بالبكتيريا المسببة لمرض الطاعون و نشر كميات هائلة من الحشرات التي تنقله في عدد كبير من المدن الصينية حتي وصل عدد الضحايا لحوالي 300 ألف قتيل.
بل إن بعض الضحايا لم يتركوا للموت فقط بل تم إستخدامهم في المعامل اليابانية حيث تأخذهم القوات اليابانية و يحتجزونهم حتي يكمل الأطباء تشريح و فحص أجسادهم.

الأضرار لم تنتهتي بنهاية الحرب بل إن الأضرار إستمرت في الإنتشار حتي عام 1947 بعد الحرب بعامين فقط كان قد فقد أكثر من 30 ألف شخص حياته بسبب تلك الأمراض.

تلك القنابل البيولوجية قتلت ما يعادل الذي قتلته القنبلة النووية التي أسقطتها الولايات المتحدة علي اليابان و التي انتهت بسببها الحرب.

بعد نهاية الحرب تم القبض علي عدد من العلماء و الأطباء اليابانيين المشاركين في تصنيع الأسلحة البيولوجية و من المتوقع أن يتم إعتبارهم مجرمي حرب و يتم معاقبتهم علي جرائمهم البشعة.
و لكن ليس ذلك ما حدث فقد قالت الولايات المتحدة لليابان أنتم إستخدمتم الأسلحة و القنابل البيولوجية و نحن إستخدمنا القنبلة النووية و لذلك نحن متعادلين.

فطلبت الولايات المتحدة من اليابان النتائج الطبية التي وصل إليها اليابانيين في إستخدام الأسلحة البيولوجية و نتائج عمليات التعذيب و القتل و الإبادات الجماعية التي ارتكبوها مقابل إطلاق سراح علماء و أطباء اليابان.
Shiro Ishiiو بالفعل تم الإعفاء عن كل المتورطين و كسبوا إحترام المجال العلمي و عملوا في مراكز الأبحاث و شركات الأدوية.

شيرو إشي (shiro Ishii) صاحب فكرة برنامج الأسلحة البيولوجية اليابانية أثناء الحرب العالمية الثانية تحولت سيرته من مجرم حرب إلي عالم كبير له أبحاث منشورة بعد تبديل كلمة إنسان أو شخص في أبحاثه بكلمة قرد أو حيوان تجارب.

السؤال هنا , أين القانون الدولي من كل ذلك ألا يوجد رادع لهؤلاء و لتلك المهزلة ؟

و لكن يؤسفني إخبارك أن القانون الدولي كان موجوداً و حاضراً فكل هذه الأحداث كانت تحدث بوجود بروتوكول دولي متفق عليه عالمياً عام 1925 و كان ينص علي منع إستخدام الأسلحة البيولوجية و الكيميائية.

و لكن بسبب عدم إلتزام أحد بالبروتوكول تم تطويره عام 1972 و أصبح يشمل منع تصنيع الأسلحة البيولوجية و وقف أي أبحاث في هذا المجال و مع ذلك لم يلتزم به أحد !

الإتحاد السوفيتي بعد توقيعه على هذا البروتوكول الجديد بدأ فوراً في بناء مشروعه الضخم الذي عمل فيه أكثر من 50 ألف عامل و متخصص و تم إنتاج فيه أطنان من البكتيريا و الفيروسات المسببة لأمراض فتاكة مثل الجمرة الخبيثة و تطوير أنواع من البكتيريا حتي تصبح مقاومة للمضادات الحيوية و منها البكتيريا المسببة لمرض الطاعون.

رغم ضخامة هذا البرنامج إلا لأنه كان يتم في سرية تامة و لم يتم إكتشافه إلا بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي عام 1991 , و لكن ليس هناك أي معلومة عن مصير المعامل و أطنان البكتيريا و الفيروسات حتي اليوم.

الموضوع من بساطته لا يحتاج إلي تنظيم دولي كبير أو فريق علماء فالموضوع يحتاج فقط لشخص يعرف ماذا تعني مسببات مرض و طريقة زرعه و تكاثره و تطويره و نقلها للإنسان و هكذا يكون قد إمتلك السلاح فنحن لا نتحدث عن توقعات أو تخوفات بل نتحدث عن وقائع حقيقية حدثت بالفعل عرضت الآلاف للخطر.

مثلما حدث عام 1984 عندما أصيب 750 شخص بحالة تسمم غذائي شديدة في قرية أمريكية واحدة و قد ظن المتخصصين و المحققين في البداية أنه مجرد تلوث و لكن بعد زيادة التحقيقات ظهر أن ذلك كان مخطط نفذه أتباع أحد المرشحين للكونغرس الأمريكي لكي يمرضوا سكان المنطقة فلا ينزلوا للإدلاء بأصواتهم و تصبح معظم الأصوات هي أصوات أنصار مرشحهم فقط.

المرشح الهندي راجينيش (Rajneesh) صاحب المذهب الديني و الإجتماعي و الروحاني جهز أنصاره كميات كبيرة من بكتيريا السالمونيلا (salmonella) حيث وضعوها في زجاجات المياه و تم سكبها في براميل و خزانات مياه المطاعم بكل بساطة. 

هذا السلاح في قمة الخطورة فهو سلاح لا يري بالعين المجردة و ليس له صوت و تصنيعه و نقله و إستخدامه غير ملفت للإنتباه فهو سلاح يمكنه قتل أعداد أكبر من القنبلة النووية و بدون أي مواجهة بين الجيوش و فوق كل ذلك فإن.تكلفته لا تساوي شيئاً مقارنة بتكاليف الأسلحة الحربية التقليدية. 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

فقرات الموضوع