تخيل لو بإمكانك تذكر جميع مواعيدك و كل ما هو مطلوب منك و كل عملك و دراستك , تتذكر دائما أين وضعت محفظتك أو مفاتيح سيارتك , تتذكر جميع الأصوات التي سمعتها و كل الأشخاص الذين قابلتهم و كل الأشياء التي لمستها و استخدمتها و كل ذكرياتك السعيدة منها و الحزينة.
دائما ما نري كمية الدراما عن حياة شخص مصاب بإضطرابات في الذاكرة و تحكي روايات عن أشخاص تعرضوا لحوادث فقدوا فيها الذاكرة مما يجعلهم في وحشة و فراغ في الهوية لحظة فقدانهم لذكرياتهم و ماضيهم.
دائما ما نسمع عن مرض مثل الزهايمر و قسوة أعراضه و صعوبة الحياة به.
و لكن ما الذي قد يحدث لو تذكرت كل شئ لم تنسي كل أيامك الصعبة و الحزينة و المواقف المحرجة مثل مرضي الاضطرابات النفسية و العقلية الناتجة عن التعرض لصدمات و تجارب سيئة جسديا أو نفسيا مثل : الاغتصاب و التحرش الجنسي , الكوارث الطبيعية , الاعتقال و التعذيب , الاختطاف , الحرب كشاهد عليها أو جندي فيها , الأسر أو الإرهاب و تظل ذكريات هذه الحوادث و الصدمات تطاردهم طوال حياتهم بشكل يتعارض مع ممارسة الحياة الطبيعية و استرجاع هذه الذكريات يكون علي شكل كوابيس بشكل متكرر بسبب ضغط نفسي و جسدي و اضطرابات في النوم و المزاج و يزيد من احتمالية الإقبال علي الانتحار و الإدمان.
تخيل ما يمكن حدوثه لو لم تنسي فقط الأحداث العادية اليومية بدون صدمات تخيل أنك تظل تتذكر ماذا أكلت و ماذا لبست و من رأيت و أين ذهبت , تتذكر العام الماضي كالأمس و جميع ذكرياتك بنفس القوة و يمكنك استرجاعهم بنفس السهولة و السرعة.
تخيل التكدس الذي في عقلك من الذكريات لا يوجد فرق بين شيئ مميز او غير مميز لا توجد ذكري معينة تظل في عقلك رغم الزمن الذي ينسيك أي شيء , هذا ما يحدث لـ 25 شخص في العالم مصابون بحالة نادرة تسمي الذاكرة الذاتية بالغة القوة ( Superior Autobiographical memory) لسنا متأكدين بعد هل يمكن أن نعتبرها موهبة و نعمة أم مرض و اضطراب و لسنا متأكدين بعد ما المختلف في أدمغة هؤلاء المرضي دونا عن باقي البشر حتي يعطيهم هذه القدرة المهولة علي التخزين و استرجاع الذكريات و لكن الأكيد أن هؤلاء المرضي و مرضي اضطرابات ما بعد الحوادث و الصدمات ( Post-traumatic stress disorder) و غيرهم الكثير يتمنون لو باستطاعتهم محو ذكرياتهم تماما و نسي مواقف و ذكريات كأنها لم تحدث.
حتي نحن كبشر عاديين لا نعاني من أمراض وقد لا نكون مررنا بكوارث و لكن حقا نحن أيضا نعاني من أحداث يومية سيئة و أيام و مواقف و تجارب كثيرة مؤلمة , فهل يمكن ان يأتي يوم نستطيع فيه محو أجزاء من ذكرياتنا و نمجو الماضي ؟
في الصعوبات التشريحية و الفيسيولوجية التي تواجهها أي تجارب في هذا المجال تظهر نظريات تقول أن الذكريات تتخزن في خلايا الجسد و الأعضاء فلو نقلنا كلية من شخص لشخص هذا يعني أنه يمكن أن ننقل معها بعض الذكريات.
و لكن يظهر تكذيب لهذه النظرية و نكتشف أن الذكريات تتخزن فقط في أدمغتنا علي شكل وصلات من الخلايا العصبية و مع ذلك نفشل تماما في تفسير لماذا تبقي بعض الذكريات و نفقد بعضها الآخر و ذكريات نتذكرها بدون رغبة و ذكريات ننساها و نحن في ألح الحاجة لتذكرها.
فوق كل ذلك محاولات و تجارب مسح الذكريات ستواجه مشاكل اخلاقية و أسئلة فلسفية ليس لها نهاية : ما هي نوعية الذكريات التي سيكون مسموح لنا التعامل معها ؟ بمعني : أن أي شخص متألم من موقف ما فيطلب مننا ان نمحوه له.
لو عاش اثنين حياة مشتركة بينهما فهل من حق أحدهم أن يطلب مسح ذكرياته عن الماضي مع هذا الشخص و يترك الثاني حاملا ذكرياتهما بمفرده ؟
هل نحن متأكدون أننا لو محينا السيء من الماضي سنصلح بذلك الحاضر و المستقبل , بمعني أننا لو مسحنا ذكريات حزينة أو مؤلمة فبذلك نحن نمحي معها المشاعر المترتبة عليها.
في الدراسة تم عرض فيلم فيه محتوي حزين علي هؤلاء المرضي و تم سؤالهم علي إحساسهم قبل و بعد مشاهدة الفيلم , و علي مدار نصف ساعة فقط من بعد نهاية الفيلم كان الأطباء يكررون السؤال مرارا و تكرارا و يطلبون من المرضي تسجيل كل ما يتذكرونه عن الفيلم و تسجيل إحساسهم بمرور الوقت.
سجل المرضي حزنهم الشديد و المستمر بعد نهاية الفيلم مباشرة و لكن بعد مرور الوقت بدأوا في نسيان أحداث الفيلم و منهم من نساه تماما بل نسوا أنهم رأوا فيلم من الأساس و مع ذلك كانوا يأكدون أنهم لا زالوا يشعرون بالحزن , يشعرون بالحزن حتي و هم لا يعلمون ولا يتذكرون سبب حزنهم.
و لما تم مقارنة إحساسهم بإحساس مجموعة أشخاص عاديين عرض عليهم الفسلم نفسه ـ و لكنهم لا يعانون أي مشاكل في الذاكرة ـ ظهر أن الإحساس بالحزن عند المرضي المصابين باضطرابات الذاكرة كان يدوم لمدة أطول من الأشخاص الأصحاء الذين ما زالوا يتذكرون الفيلم و أحداثه.
أظهرت التجربة النتائج نفسها لما تم عرض أفلام فيها أحداث سعيدة , استمر عند المرضي الإحساس بالفرح و السعادة حتي بعد نسيانهم الفيلم و أحداثه , ظلوا فرحين و هم لا يتذكرون ولا يعرفون لماذا.
أنت نفسك و أنت لا تعاني من أي أمراض اضطرابات في الذاكرة يحدث في بعض الأوقات أنك تشعر بالحزن أو بالفرح و لكنك لا تعلم السبب و كأنها بواقي من مشاعرك عن أمور حدثت و انتهت و نسيتها و فقدت تفاصيلها تماما و لكنك لم تفقد المشاعر المترتبة عليها و كأننا حتي لو امتلكنا القدرة علي التلاعب في ذكرياتنا و الظروف التي عشناها نغير فيها و نمحو ما نشاء ستظل مشاعرنا أقوي من النسيان.
تخيل ما يمكن حدوثه لو لم تنسي فقط الأحداث العادية اليومية بدون صدمات تخيل أنك تظل تتذكر ماذا أكلت و ماذا لبست و من رأيت و أين ذهبت , تتذكر العام الماضي كالأمس و جميع ذكرياتك بنفس القوة و يمكنك استرجاعهم بنفس السهولة و السرعة.
تخيل التكدس الذي في عقلك من الذكريات لا يوجد فرق بين شيئ مميز او غير مميز لا توجد ذكري معينة تظل في عقلك رغم الزمن الذي ينسيك أي شيء , هذا ما يحدث لـ 25 شخص في العالم مصابون بحالة نادرة تسمي الذاكرة الذاتية بالغة القوة ( Superior Autobiographical memory) لسنا متأكدين بعد هل يمكن أن نعتبرها موهبة و نعمة أم مرض و اضطراب و لسنا متأكدين بعد ما المختلف في أدمغة هؤلاء المرضي دونا عن باقي البشر حتي يعطيهم هذه القدرة المهولة علي التخزين و استرجاع الذكريات و لكن الأكيد أن هؤلاء المرضي و مرضي اضطرابات ما بعد الحوادث و الصدمات ( Post-traumatic stress disorder) و غيرهم الكثير يتمنون لو باستطاعتهم محو ذكرياتهم تماما و نسي مواقف و ذكريات كأنها لم تحدث.
حتي نحن كبشر عاديين لا نعاني من أمراض وقد لا نكون مررنا بكوارث و لكن حقا نحن أيضا نعاني من أحداث يومية سيئة و أيام و مواقف و تجارب كثيرة مؤلمة , فهل يمكن ان يأتي يوم نستطيع فيه محو أجزاء من ذكرياتنا و نمجو الماضي ؟
في الصعوبات التشريحية و الفيسيولوجية التي تواجهها أي تجارب في هذا المجال تظهر نظريات تقول أن الذكريات تتخزن في خلايا الجسد و الأعضاء فلو نقلنا كلية من شخص لشخص هذا يعني أنه يمكن أن ننقل معها بعض الذكريات.
و لكن يظهر تكذيب لهذه النظرية و نكتشف أن الذكريات تتخزن فقط في أدمغتنا علي شكل وصلات من الخلايا العصبية و مع ذلك نفشل تماما في تفسير لماذا تبقي بعض الذكريات و نفقد بعضها الآخر و ذكريات نتذكرها بدون رغبة و ذكريات ننساها و نحن في ألح الحاجة لتذكرها.
فوق كل ذلك محاولات و تجارب مسح الذكريات ستواجه مشاكل اخلاقية و أسئلة فلسفية ليس لها نهاية : ما هي نوعية الذكريات التي سيكون مسموح لنا التعامل معها ؟ بمعني : أن أي شخص متألم من موقف ما فيطلب مننا ان نمحوه له.
لو عاش اثنين حياة مشتركة بينهما فهل من حق أحدهم أن يطلب مسح ذكرياته عن الماضي مع هذا الشخص و يترك الثاني حاملا ذكرياتهما بمفرده ؟
هل نحن متأكدون أننا لو محينا السيء من الماضي سنصلح بذلك الحاضر و المستقبل , بمعني أننا لو مسحنا ذكريات حزينة أو مؤلمة فبذلك نحن نمحي معها المشاعر المترتبة عليها.
دراسة عن تقوية الذاكرة :
في دراسة علي حالات مرضي يعانون من تلف في منطقة معينة من المخ تسمي الـ هيبوكامبس (hippocampus) هذا التلف يسبب صعوبة شديدة في حفظ أي ذكريات أو معلومات جديدة فتظهر علي المرضي أعراض اضطرابات الذاكرة (Impaired declarative memory associated with hippocampal atrophy) و بما أنهم سيفقدون ذكرياتهم علي الأحداث الجديدة فمن المفروض أنهم سيفقدون مشاعرهم المصاحبة ليها.في الدراسة تم عرض فيلم فيه محتوي حزين علي هؤلاء المرضي و تم سؤالهم علي إحساسهم قبل و بعد مشاهدة الفيلم , و علي مدار نصف ساعة فقط من بعد نهاية الفيلم كان الأطباء يكررون السؤال مرارا و تكرارا و يطلبون من المرضي تسجيل كل ما يتذكرونه عن الفيلم و تسجيل إحساسهم بمرور الوقت.
سجل المرضي حزنهم الشديد و المستمر بعد نهاية الفيلم مباشرة و لكن بعد مرور الوقت بدأوا في نسيان أحداث الفيلم و منهم من نساه تماما بل نسوا أنهم رأوا فيلم من الأساس و مع ذلك كانوا يأكدون أنهم لا زالوا يشعرون بالحزن , يشعرون بالحزن حتي و هم لا يعلمون ولا يتذكرون سبب حزنهم.
و لما تم مقارنة إحساسهم بإحساس مجموعة أشخاص عاديين عرض عليهم الفسلم نفسه ـ و لكنهم لا يعانون أي مشاكل في الذاكرة ـ ظهر أن الإحساس بالحزن عند المرضي المصابين باضطرابات الذاكرة كان يدوم لمدة أطول من الأشخاص الأصحاء الذين ما زالوا يتذكرون الفيلم و أحداثه.
أظهرت التجربة النتائج نفسها لما تم عرض أفلام فيها أحداث سعيدة , استمر عند المرضي الإحساس بالفرح و السعادة حتي بعد نسيانهم الفيلم و أحداثه , ظلوا فرحين و هم لا يتذكرون ولا يعرفون لماذا.
أنت نفسك و أنت لا تعاني من أي أمراض اضطرابات في الذاكرة يحدث في بعض الأوقات أنك تشعر بالحزن أو بالفرح و لكنك لا تعلم السبب و كأنها بواقي من مشاعرك عن أمور حدثت و انتهت و نسيتها و فقدت تفاصيلها تماما و لكنك لم تفقد المشاعر المترتبة عليها و كأننا حتي لو امتلكنا القدرة علي التلاعب في ذكرياتنا و الظروف التي عشناها نغير فيها و نمحو ما نشاء ستظل مشاعرنا أقوي من النسيان.
تعليقات
إرسال تعليق