في يناير عام 1995 اقتحم المواطن الامريكي كارتر ويلر(McArthur Wheeler) احد البنوك الامريكية في وضح النهار كاشفا وجهه تماما و هدد الموجودين بسلاحه و سرق البنك و خرج منه.
تم القبض عليه بعد ساعة واحدة من نشر صورته التي لقطتها الكاميرا.
تم القبض عليه بعد ساعة واحدة من نشر صورته التي لقطتها الكاميرا.
كان ويلر مفزوعاً ؛ كيف أمكنكم رؤيتي و قد طليت وجهي جيداً بعصير الليمون و لا يجب أن يراني أحد ؟
ظن ويلر أنه سيختفي إذا وضع علي نفسه عصير الليمون كما إذا كتبت بعصير الليمون فوق ورقة لن يظهر ما كتبته كأنه حبر سري و لن يظهر إلا إذا كويت الورقة فظن أنه بذلك سيختفي و ستكون الجريمة كاملة و لن يتعرف عليه أحد !
ويلر لم يكن جاهلاً فقط بل كان موهوماً بأن لديه علم فكان جاهلاً بجهله.
و في الحقيقة هذا السلوك ليس غريباً عن باقي البشر , فالمنطقي أنك لو جاهل بشيئ ما ستخاف أن تتحدث عنه أو أن يطرح عليك أي سؤال فيه...... لكن لا , فالبشر لديهم قدرة عجيبة علي تجاهل جهلهم و الفخر بعلم و معرفة و قدرات و كفاءات لا يمتلكوها.
هناك ظاهرة تسمي ب (Dunning-kruger effect) سميت علي اسم اثنين من العلماء درساها عام 1999 و هما جاستن كروغر (Justin kruger) و ديفيد دانينغ (David dunning) و هي مثال لظاهرة أكبر تسمي وهم التفوق (illusory superiority).
ظاهرة وهم التفوق هي واحدة ضمن قائمة طويلة جداً من أنواع انحرافات التفكير و اتخاذ القرار (cognitive biase).
وهم التفوق هو ميل البشر لتقدير أي شيء إيجابي فيهم بأعلي من مستواها الحقيقي.
إحدي الدراسات الأولى في هذا المجال كانت استبيان علي أكثر من مليون طالب أمريكي عام 1976 في بداية العام
الدراسي , و كانت نتيجة الدراسة أن 25% من الطلاب إعتبروا أنفسهم ضمن شريحة ال 1% الأفضل من حيث الشعبية و الاندماج مع المحيطين بهم.
الدراسي , و كانت نتيجة الدراسة أن 25% من الطلاب إعتبروا أنفسهم ضمن شريحة ال 1% الأفضل من حيث الشعبية و الاندماج مع المحيطين بهم.
قد تعتقد أن هذه النتائج مقتصرة علي طلاب الجامعة و أدمغتهم الغير ناضجة و خبرتهم الهزيلة.
و لكن لا , ففي دراسة علي أكاديميين في إحدي الجامعات الأمريكية سألوا الأكاديميين علي مهاراتهم في التدريس
و الشرح و كانت النتيجة ان حوالي 70% منهم صنفوا أنفسهم ضمن أفضل 25%.
و الشرح و كانت النتيجة ان حوالي 70% منهم صنفوا أنفسهم ضمن أفضل 25%.
هناك الأغرب من ذلك ؛ عندما شرح ل 600 شخص أن هناك شيئ يدعي انحرافات التفكير و أنك من الممكن أن تقدر نفسك بمستوى أعلي من حقيقتك و هذا خطأ شائع بين البشر... كانت النتيجة أن 85% منهم استبعدوا أنفسهم تماماً من الوقوع في انحرافات التفكير إلا شخص واحد فقط من ال 600 راجع نفسه و قال: قد أكون حقاً أقع في الأخطاء أكثر من غيري.
في مجموعة من الدراسات في محاولة لإيجاد سبب مادي أو كيميائي أو عصبي للوهم الذي في أدمغتنا.
تم فحص أشخاص لا يعانون من أي مشاكل نفسية أو عقلية فوجدوا أن مناطق معينة في المخ مسؤولة عن وهم التفوق و هما
تم فحص أشخاص لا يعانون من أي مشاكل نفسية أو عقلية فوجدوا أن مناطق معينة في المخ مسؤولة عن وهم التفوق و هما
- (medial prefrontal cortex)
- (supplemental motor area)
- (anterior cingulate cortex).
و لكن يوجد منطقتين غيرهم كانت من ضمن وظائفهما تقليل عمل المناطق المسؤولة عن حدوث وهم التفوق وهما :
- (dorsal part of anterior cingulate cortex)
- (orbitofrontal cortex).
و هذه المناطق كلها تعمل بشكل طبيعي و متساوي بين جميع البشر و هذا ما يجعلنا نعيش بوهم طبيعي و هذا مهم حتي نستطيع إكمال حياتنا بشكل طبيعي و مقاومة الواقع الصعب المرير.
و لكن في بعض الأشخاص وجدوا أن المنطقتين المسؤولتين عن تقليل عمل المنطقة المسؤولة عن وهم التفوق لديهم تعمل بأعلي من المعدل الطبيعي و هذا يعني أنها تقلل نشاط منطقة وهم التفوق أكثر من الطبيعي و هذا يعني أن هؤلاء الأشخاص ليس لديهم التفوق بل لديهم واقعية بحتة مؤلمة فيدركون حقيقة أنفسهم و حقيقة فشلهم أو ضعفهم أو عجزهم و هؤلاء ثبت أنهم مرضي الاكتئاب و كأن الاكتئاب هو أن تري الواقع.
تأثير (Dunning-kruger effect) كان يتفاوت بين الأشخاص باختلاف عوامل كثيرة أخري غير الاتصال العصبي بين المنطقتين منها، مثلاً: قدر المعلومات و العلم الذي يمتلكه الشخص ففي بعض الدراسات ظهر أن كل ما كان الشخص أجهل كلما كانت ثقته بنفسه أكبر , فجزء من جهله هذا هو جهله بجهله.
في دراسة نشترها الجمعية الأمريكية لعلم النفس عام 2015 , أن الناس يقيمون أنفسهم أعلي و أعلم من غيرهم لو أنهم فقط استخدموا الإنترنت للبحث عن معلومة ما حتي لو لم يجدوها.
و العكس صحيح , كلما علم الشخص بمجاله أكثر يدرك مدي جهله فيدرك أن ما يعلمه هو جزء صغير جداً من ذلك المجال فتقل ثقته بنفسه و بما يعرفه.
وهم التفوق قد يكون خطراً على جودة العمل و أرباحه فالموظف الذي لا يري أن فيه عيوباً لن يغير من نفسه و لن يسعي لتحسينها و تطوير أداؤه........ و الشخص غير المعترف بأن علاقاته فاشلة بسبب سلوكه كيف سيصلح أخطائه ؟
و الشخص الجاهل بجهله لن يطلب العلم.
و الشخص الجاهل بجهله لن يطلب العلم.
فليس جهلك هو ما يجعلك في خطر و لكن ما تظن أنك تعلمه و أنت لا تعلمه هو ما يعرضك للخطر.
لذلك احرص دائما علي ان اتزيد من ثقافتك من خلال مدونتنا المتواضعة😉
لذلك احرص دائما علي ان اتزيد من ثقافتك من خلال مدونتنا المتواضعة😉
تعليقات
إرسال تعليق